روايه مكتمله بقلم ندى حسن

موقع أيام نيوز


والدته الطفلة فبقي أمام وجهها تبادل معاها النظرات وكل عين تحكي شيء مختلف تماما عن الأخرى ثم استدار برأسه قليلا ونظر إلى شقيقتها فتاة صغيرة تبدو أقل من العشرون عام بخصلات ذهبية وعيون زرقاء وشفاه تلطخها الحمرة وهي بالفعل جميلة لا تحتاج إلى ذلك 
صاح بصوته المعهود الحاد الذي يحمل خشونه لا توصف
مين دي!
دي إسراء أختي
أبتعد بعينيه إليها وسألها بقوة وثبات واضح وهو يضع يده الاثنين داخل جيوب بنطاله
من امتى عندك أخوات
أردفت تجيب على سؤاله الغليظ توضح له أكثر بما أنه لا يعلم بها
إسراء تبقى أختي من بابا كانت عايشة في تركيا مع مامتها وبقالها فترة كبيرة عايشة معايا

أعتدلت فرح شقيقته تنظر إليها من الأسفل إلى الأعلى تنظر إلى الاثنين وكأنها تقول قصر الړعب بانتظار الآخرين من المهرجين 
قالت وهي تتقدم سريعا باحترام ولهفة
تحت أمرك يا جبل بيه
أشار إليها بيده المحررة من جيب بنطاله
وريهم اوضهم يرتاحو
ردت تتابع عيناه هي الأخرى باستغراب
في حاجه نتكلم في ايه
هتعرفي وقتها
تقدمت منها الطفلة بعد أن حثتها وجيدة على الذهاب مع والدتها لكي تنعم بالراحة هى الأخرى فيبدو عليها الإرهاق الشديد تحركت إلى الخارج بعد أن قالت بهدوء
عن اذنك يا طنط
أومأت إليها بابتسامة لا مثيل لها وكأنها حصلت على كنز غالي كان يصعب الحصول عليه أو يستحيل
اتفضلي يا زينة
خرجت مع ذكية التي سارت بهم إلى
الأعلى لتعرف كل واحده منهم على غرفتها ولكن زينة وقفت في الردهة أمام الغرف وقالت 
ذكية إحنا عايزين اوضه واحدة يكون فيها سريرين
أومأت إليها وهي تشير إلى الناحية الأخرى
حاضر يا ست هانم تعالي من هنا
سارت خلفها إلى أن وصلت إلى الغرفة التي تريدها لتكن مع ابنتها وشقيقتها فلا تريد ترك كل واحدة في غرفة أخرى بعيد عن عينيها دلفت معهم إلى الداخل واستمعت إلى صوت الخادمة تقول
الشنط هتطلع حالا يا ست هانم
حركت رأسها إليها فذهبت الأخرى وأغلقت الباب من خلفها صعدت الصغيرة وعد على أحد الفراشين بعد أن ألقت حقيبة ظهرها على الأرضية وارتمت عليه بتعب شديد لأنها تحتاج كثيرا إلى النوم 
جلست إسراء جوارها ونظرت إلى شقيقتها وتحدثت بقلق وخوف لا تريد كبته داخلها
زينة أنا خاېفة من المكان ده والناس اللي فيه
لقد كانت هي الأخرى خائڤة للغاية ليس من عاداتها أنها المرأة التي تحملت كل الصعاب لكن كثير من المؤشرات لا تقول أن القادم خير خصوصا منه هو ولكنها نفت ذلك حتى لا تشعر الأخرى بالرهبة منذ اليوم الأول
خاېفة من ايه بس الناس استقبلونا كويس وبعدين دول أهل يونس يعني وأنتي عرفاه كويس مش هنلاقي حد زيهم
تابعت وهي تنظر إليها باستغراب
بس اللي اسمه جبل ده غريب أوي والحرس دول كلهم ليه وهو ايه المكان اللي عايشين فيه ده طالما غنين كده والناس اللي بره دول عاملين كده ليه
أنتي متعبتيش من الطريق ارتاحي وبعدين نتكلم
والحقيقة المرة هي أن قلبها لا يهدأ عن العبث بها وذلك لا يحدث إلا في الحالات النادرة كالتي يحدث بها الكوارث على أي حال ليس هناك أي حل آخر كان على طريقها ولم تفعله هذا كان أولهم وآخرهم وأفضلهم بالنسبة إلى المواجهة مع الفقر 
عليها أن تهدأ فقط قليلا والقادم كله سيأتي إلى عندها سواء فكرت به أم لم تفكر 
نظرت إلى سقف الغرفة وتنهدت بقوة يا الله ساعدني في الوصول إلى مبتغاي دون الشعور بالقهر مرة أخرى ودون الشعور بالذل والكسرة دون الشعور بالفقد والفراق وحړقة الاشتياق ولوعته 
بعد بضع ساعات نالت بهم بعض من الراحة بعد رحلة شاقة طويلة كهذه وحرب ضارية بينها وبين نفسها المعارضة إياها دائما استيقظت من نوم كان عميق دلفت به دون تعب بدلت ملابسها إلى أخرى غير تلك التي أصبحت مليئة برائحة الإرهاق وبدى عليها أنها متسخة بملابس أخرى مثلها محتشمة مكونه من بنطال أسود وتيشرت رصاصي اللون ولأن أهل البيت كلهم محتشمون وملابسهم غير ملابسها هي وشقيقتها حاولت أن تكون مثلهم ولا تظهر شيء منها بالأخص في وجود ذلك الجبل الصلب الذي وقف أمامها شامخا 
هبطت للاسفل بوجها متجمد وأثناء هبوطها
الدرج قابلتها ذكية التي تحدثت قائلة بعد أن أبصرتها
كنت طالعة ليكي يا ست هانم جبل بيه مستنيكي في الصالون
دققت النظر بها ورأسها به ألف وألف سؤال عن ما الذي يريده منها! أومأت إليها وهبطت بهدوء متجهة إليه
ولجت إلى الغرفة وهو جالس كما رأته أول مرة تقدمت وعينيها لا تستطيع الإبتعاد عن خاصتيه المخيفة الثابتة وكأنه يجبرها على النظر إليه لتعرف إلى أين أتت 
جلست أمامه ثم خرج صوتها الذي رفعته ليظهر واضح وواثق
نعم يا جبل بيه
تقدم للأمام في جلسته اتكأ بيده الاثنين على قدميه ورفع عينيه إليها بجمود وحدة يرسل إليها قال بصوت حاد جامد خرج بخشونة من فمه
وصلتي الجزيرة إزاي
أجابته ببساطة وهي تشير بيدها بعفوية
بصراحة الوصول كان صعب أوي يعني مش
هكدب عليك المرة اللي جيت فيها هنا كانت
 

تم نسخ الرابط