متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
المحتويات
بس يا نيرة.. أنت مش بتقولي إنكوا كويسين مع بعض..
أوقفت نيرة السيارة على جانب الطريق وهي ټضرب بيدها مقود السيارة پعنف
أنا كنت فاهمة أنه هينساها.. هو بقى له أسبوع ما شفهاش.. أنا متأكدة.. لكن.. لا.. برضوه الصعلوكة دي لسه بتجري وراه.. وعارفة إزاي تجيبه لعندها على ملا وشه
تجنبت علياء سؤال صديقتها من أين لها تلك المعرفة.. فهي أدركت من زمن أن لنيرة وسائلها للوصول إلى ما تريده من معلومات..
أخذت تدق بطرف سيجارتها على العلبة بغيظ.. وهي تفرك شفتيها بين أسنانها.. ثم برقت عينيها بشدة وهي تنظر إلى العلبة الذهبية وتهمس پشماتة
رمقتها علياء بقلق
ناوية على إيه يا نيرة..
هزت نيرة كتفيها بلامبالاة وهي تسأل علياء
أنت عارفة منى بتشتغل فين..
أومأت علياء موافقة
ايوه في محل فساتين سواريه في مول...
قاطعتها نيرة وعينيها تبرقان بخبث
طيب يلا بينا.. أنت أكيد محتاجة فستان عشان حفلة الليلة..
دخل عامر إلى غرفة صبا ابنته الصغرى فوجدها تمسك بالهاتف وعينيها الجميلتين تلتمع
أومأت برأسها في موافقة صامتة.. وظهر الحزن على ملامحها.. فضمھا والدها إلى صدره وهو يخبرها
أنت عارفة إني مش همنعك أنك تروحي تعيشي معاها.. إحنا.. أنا وفريدة عمرنا ما اختلفنا على مصلحتك.. أو عارضنا في إنك تعملي اللي أنت عايزاه..
أنا اخترت إني أكون هنا معاك يا بابا.. وأنا مقتنعة بكده.. وأن ده أفضل لي ولفريدة..
أبعدت رأسها قليلا عن صدره وهي تمسح دموعها بظاهر يدها
حضرتك عارف أن فريدة صعب عليها تراعيني.. وهي بترسم.. وخاصة لو بتجهز لمعرض زي اليومين دول.. وأنا كمان مش بحب الحياة في باريس..
افتعل عامر ضحكة صغيرة وهو يخبرها
ضحكت صبا هي الأخرى.. ثم سكتت قليلا.. وأخبرته بخفوت
هي سألت عليك وعلى أخبارك.. وطلبت مني أراعي صحتك..
أغمض عامر عينيه پألم لا يريد أن يظهره لطفلته الصغيرة.. تلك الفتاة التي يمزقها ولائها له وحبها لوالدتها.. فريدة
فريدة.. جنته وعڈابه... فرحه وجرحه.. من أذاقته جنون الحب وآلامه.. من عرف معها روعة العشق ولوعته..
شعر بأنامل طفلته الصغيرة تمسح دمعة صغيرة خانته وسقطت على وجنته.. فربت على شعرها بحنان.. بينما هي ألقت نفسها بين ذراعيه وهي تضمه بقوة
أنا بحبك قوي يا بابا...
وبداخلها تتردد فكرة.. أنها لن تدع نفسها تسقط في الحب أبدا...
وقفت علياء أمام المرآة تتأمل ثوبها الجديد الذي ابتاعته برفقة نيرة.. حسنا.. ليس تماما.. فالثوب الذي اختارته نيرة وأصرت على علياء لتبتاعه معلق داخل الخزانة بأمان.. هذا لو
لا تنكر أنه يظهرها فاتنة ومغرية للغاية.. كأنها.. كأنها.. ساقطة.. نعم هذا أول ما خطړ على بالها عندما رأت نفسها به أمام المرآة في محل الثياب وبالتأكيد هذا ما سيفكر به يزيد إذا رآها ترتديه.. لذا خلعته بهدوء وطلبت من البائعة أن توضبه في إحدى الأكياس وتجهز الفاتورة الخاصة به حتى لا تثير عواصف نيرة التي كانت مشغولة عنها بمراقبة وصول منى التي انتهت فترة راحتها ولم تصل بعد _ولله الحمد_... فانتهزت علياء تلك الفرصة وتوجهت إلى الثوب الذي خطڤ بصرها منذ اللحظة الأولى وقررت شرائه حتى بدون تجربته أولا..
الموضة يا حبيبي.. وبعدين أنت مش قلت أن نيرة هتحضر الحفلة.. عايزها تكون أشيك مني ولا إيه..
هز يزيد رأسه بتعجب لانشغال ذهن ريناد دائما بالتفوق على نيرة.. وكأن هناك مسابقة ما بينهما لمن تتزعم درب الجمال والأناقة.. لا يعلم ما أسباب تلك المنافسة الغريبة.. فريناد ذات جمال مشرق يختلف عن جمال نيرة الۏحشي.. فهي ذات شعر ذهبي وعيون بلون العسل.. وابتسامة أنثوية جذابة
حسنا قد تتشابه الفتاتان في شيء واحد فكليهما تعشق التفرد والتميز.. فريناد مثلا ارتدت لتلك
الحفلة ثوبا طويلا من الساتان البرونزي بلا أكتاف ولا أكمام.. يكشف عن ظهرها وصدرها الذي يكاد أن يختفي تحت الفراشة اللعېنة والتي تنتهي بعقدة ذات لون ذهبي.. ثم يضيق الثوب ليظهر رشاقة قدها وبطنها المسطح ووركيها الدقيقين والذي يبدأ الثوب في الاتساع بعدهما مباشرة في عدة ثنايات حتى يصل إلى ما بعد كاحليها... كانت مثالية في أناقتها.. وفاتنة بزينتها المتقنة.. وجاهزة تماما لتكسب نقطة على نيرة في حفلة الليلة كما كانت تظن..
استمر يزيد في محاولة مراقصتها بوجود الفراشة الضخمة كحاجز بينهما.. وهمس في أذنها
أنت الليلة أجمل واحدة في الحفلة... لولا بس الفراشة دي..
ابتسمت ريناد في سعادة وقد عزز غزل يزيد من ثقتها بنفسها..
بينما عاد يزيد يسألها
مش ناوية بقى تحني علي وتكون الرقصة الجاية في فرحنا..
أووه يا يزيد.. أنت مستعجل على إيه.. مش أنت وعدتني إنك هتصمم بيتنا مخصوص زي ما أنا عايزة..
زفر يزيد بضيق
ما هو أنا صممته يا ريناد.. ده اتصمم في وقت قياسي.. لكن أنت بقى لك أكتر من سنة بتغيري وتعدلي في الديكور.. ولسه ما فكرتيش في العفش..
أخبرته ريناد بسأم
هو احنا كل ما نشوف بعض لازم السيرة دي.. أنت عارف أنه بيتي لازم يكون بيرفكت.. ما فيش فيه غلطة.. أنت تكره يعني أنه بيتك يكون مثال للشياكة والأناقة..
هز رأسه بيأس
أنا كل اللي يهمني إننا نكون في بيت واحد..
ابتسمت ريناد له بعصبية بينما ظلت تترقب ظهور نيرة _غريمتها_ التي تتعمد بالطبع الحضور متأخرة عن الجميع حتى تحدث الأثر المطلوب في النفوس..
وعلى الرغم منه ترقب يزيد أيضا وصول نيرة.. ليس اهتماما منه بالنرجسية الحمراء.. ولكن حتى يطمئن على الجنية الصغيرة التي رفضت أن تأتي معه هو وريناد كما تعذرت بعدم انتهائها من ارتداء ثيابها حتى لا يرى ثوبها الجديد..
جمود ريناد بين ذراعيه مع الصمت الذي حل فجأة أخبره بوصول نيرة.. والتي تعلقت بذراع حسن مرتدية ثوب من الشيفون الأسود الشفاف.. يكشف عن أحد كتفيها ويترك الآخر عاريا.. بينما كانت البطانة الداخلية تغطي صدرها وحتى بداية وركيها.. تاركة باقي جسدها مغطى
بينما أنظار الجميع كانت مسلطة على نيرة بثوبها اللافت.. بحث يزيد بعينيه عمن تهمه حقا.. وهو يتوعدها سرا بتنفيذ تهديده إذا خالفت أوامره..
لمحها أخيرا وهي تدخل خلف نيرة بثوب من الشيفون أيضا ولكنه لم يكن شفافا.. بل يحتوي على بطانة داخلية ومكون من عدة طبقات من القماش الناعم.. والذي تدرج لونه من الأبيض الناصع عند الصدر ثم تداخل درجات من اللون الرمادى عند الخصر وتبدأ تدرجات من اللون الازرق من بعد الركبتين لتتداخل مع درجات الابيض مع تعدد طبقات الثوب..
ويضيقان عند المرفق ليتسعا بعد ذلك.. كان الثوب المثالي باستثناء فتحة الصدر المربعة..
لاحظ يزيد تحول الأنظار من نيرة إلى الجنية الصغيرة التي جذبت الجميع كعادتها.. رغم أنها لم تضع من الزينة إلا الكحل الأسود وطلاء الشفاه اللامع..
حسنا.. ماذا يستطيع أن يفعل بها.. لقد التزمت بتعليماته تماما.. ورغم ذلك يستطيع أن يرى
ضغط يزيد على أسنانه حتى كادت أن تتحطم.. وهو يتوجه إلى الوافدين مصطحبا ريناد معه..
صافح الرجال بعضهم بينما اكتفت ريناد بهزة رأس بسيطة كتحية عابرة..
كانت عيني علياء معلقة على يزيد تنتظر ردة فعله على ثوبها.. والتي لم تستطع تبينها من ملامح وجهه المبهمة.. بينما أخذت نيرة وريناد تتأمل كلا منهما الأخرى وكأنها تبحث عن خطأ ما في مظهرها..
بادر يزيد بالسؤال الذي يؤرقه
انتوا جيتوا كلكوا سوا ولا إيه..
أسرع مازن بالإجابة وابتسامة غامضة ترتسم على وجهه
لا.. احنا اتقابلنا على الباب..
وأضاف وابتسامته تتسع
أنا جبت عليا.. على ما حسن يجيب نيرة.. يعني قولنا نوفر وقت..
توجه يزيد إلى علياء
طب مش كنت جيتي معانا بدل ما نتعب مازن..
أجابه مازن باستمتاع
يا سيدي ما فيش تعب ولا حاجة..
قاطعت ريناد الحديث الدائر وقد أزعجها أن تكون علياء هي محور الاهتمام
هو احنا هنفضل واقفين كده.. مش هندخل نقعد..
رمقتها نيرة باستفزاز
وهو أنت هتعرفي تقعدي بالفستان ده.. بيتهيألي صعب..
احتقن وجه ريناد ڠضبا وهي تجيب
ما تقلقيش يا نيرة.. أنا دايما فساتنيني بتتصمم لي أنا مخصوص.. يمكن أنت مش متعودة على كده..
كادت أن ترد نيرة برد آخر مستفز حينما تدخل حسن ليصطحبها داخل القاعة
نيرة.. أنا تعبت من الوقوف يلا بينا ندخل..
واصطحبها مبتعدا عن ريناد قبل أن يتطور النقاش بينهما إلى شجار علني.. بينما اصطحب مازن علياء ليجلسا حول أحد الموائد تحت نظرات يزيد الرافضة...
عندما لاحظ مازن أن علياء تفرك يديها قلقا.. سألها مندهشا
في حاجة يا عليا..
ترددت قليلا
أصل.. يزيد متضايق..
ابتسم مازن بخبث
متضايق!!.. لا أبدا.. ما هو بيرقص مع ريناد أهو..
أومأت علياء موافقة ونظراتها معلقة بيزيد.. بينما نظر إليها مازن مشفقا عليها من مشاعرها الواضحة.. فحاول جذبها لتبادله حوارا بسيطا حول حياتها في المزرعة.. حتى استطاع بلباقته وسرعة بديهته أن يحول عينيها بعيدا عن الثنائي الراقص.. وشيئا فشيء أخرجها من خجلها وترددها.. وبدأت تتعالى أصوات ضحكاتهما.. وهما يتبادلان ذكريات طفولتهما وخاصة المشاغبة منها..
لاحظت ريناد عيني يزيد التي تتابع ما يحدث بين مازن وعلياء.. فازداد ڠضبها الذي لم يهدأ بعد.. وقالت ليزيد بغيظ
يزيد.. أنت هتفضل قاعد تراقب البنت دي كتير.. أنا تعبت من الرقص وعايزة أخرج الفرانده شوية..
لم يفهم يزيد ما أصابه.. ففي الظروف العادية هو من يسعى جاهدا حتى ينفرد بريناد بعيدا عن العيون لكن الآن وهي من تطلب الانفراد به.. تكاد
متابعة القراءة