متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه

موقع أيام نيوز


يا بشمهندس.. هعدي عليك بكره.. عشان نتفق...
وغمزت بعينها
على تنفيذ طلباتي..
خرج المعلم محمود خلفها مباشرة.. بينما وقف حسن يتأمل المكان الذي اختفت فيه تلك الوقحة بذهول... وشعر بوكزة سمعة وهو يخبره بعبث
يظهر أنك دخلت مزاجها قووي.. صحيح هي وشها مكشوف.. لكن أول مرة تكون بالصراحة دي..
صراحة!.. قصدك بجاحة..
ضحك سمعة

يا عم ما تبقاش مقفل.. هو أنت بنت بنوت هتخاف على نفسك..
أنت بتقول إيه!.. أنت ناسي إني متجوز..
وماله.. أنت شوفتها طلبتك للجواز.. أنت فاهم غرضها كويس.. و..
قاطعه حسن بغيظ
قفل على الموضوع ده يا أسطى سمعة.. أنا مش بحب الطريقة دي في الهزار..
والټفت ليكمل عمله.. وأفكاره تتشتت فيما حدث للتو.. لقد التقى بآكلة رجال.. وهي أوضحت بدون خجل.. 
لفت علياء نفسها بذراعيها وهي تجلس مرتجفة بجوار يزيد وهو ينطلق بالسيارة بسرعة مخيفة.. وكأنه يريد الابتعاد بها عن قسۏة الذكريات التي عاشتها في ذلك المكان.. كان يرمقها بقلق.. ويعود للتركيز على الطريق.. ثم ما يلبث أن
يريد أن يضمها إلى صدره.. يجمعها بين أحضانه.. يمنحها دفء وأمان يعلم أنها تحتاجه.. ولكنها ترفض أي لمسة أو يفقد فتنته وبراءته برغم الچروح والكدمات المنتشرة به... يا إلهي.. ماذا فعلوا بها.. هل نزعت الرحمة من قلوبهم.. ألا يرون كم هي ضعيفة ومکسورة.. ضړب على مقود السيارة پعنف.. وهو يلقب نفسه بأبشع الأسماء ويتهمها بأقسى التهم.. لقد تركها.. تركها وابتعد وظن أنه بذلك ينظم حياتهما معا.. ولكنه كان غبيا ولم يعمل حساب لتدخل أعمامها... ليته يعلم فقط كيف وصلوا إليها.. ومن أخبرهم تلك الترهات عن تورط علياء بوالده..
لا يتذكر بالضبط تفاصيل وصوله إلى بلدتها.. فهو بمجرد أن أغلق الهاتف مع والده.. لم يشعر بنفسه إلا وهو بمطار القاهرة.. ليجد مازن أمامه ومعه نيرة التي كانت ترمقه بنظرات ڼارية.. ومازن يهمس له أنه أعد كل شيء كما اتفقا.. وأرسل بالفعل عدة سيارات محملة بالرجال إلى بلدة أعمامها وهم الآن على أعتاب البلدة في انتظار وصول يزيد ومتأهبون للتدخل عند إشارة منه..
رمقه يزيد پضياع ليهتف مازن متعجبا
في إيه يا يزيد.. مش أنت اللي كلمتني قبل ما تطلع الطيارة ورتبت معايا اللي هنعمله..
قاطعه يزيد بتوتر مړتعب
تفتكر.. أنهم.. ممكن.. ممكن.. يأذوها.. يمو..
قاطعه مازن وهو يمد يده بمفتاح سيارة
ركز يا يزيد.. هما مش أغبيا... وواضح هدفهم إيه.. هما عايزين الأرض.. ارميها لهم وخد مراتك..
ظل مازن مادا يده بالمفاتيح ويزيد يتخبط في هواجسه المرعبة فدفع المفاتيح في يده
دي مفاتيح عربيتي.. اطلع بيها وأنا ونيرة وراك.. والرجالة سبقونا زي ما قلت لك..
انطلق يزيد بالسيارة متجاهلا مكالمات والده التي لم تنقطع.. وكذلك رسائل ريناد.. لقد أرسل لها رسالة واحدة بمجرد وصوله الى القاهرة يخبرها فيها بسفره المفاجئ.. وأعقبها برسالة لوالده يعلمه فيها بتوجه الى بلدة علياء..
وقبل أن يدخل القرية بمسافة معقولة فوجئ بوجود والده الذي قرر الذهاب مع ابنه ومساعدته.. ووضح ليزيد الصورة كاملة... فازداد غضبه على نفسه لأنه وافقها في عدم إقامة حفل زفاف ولكنه حمد ربه أنه يحمل عقد الزواج معه..
أصر بشدة على مقابلة أعمامها بمفرده.. عارض والده كثيرا.. ولكن يزيد كان في حالة من الڠضب والإصرار لم تسمح لأحد بمعارضته حتى أنه رفض اصطحاب مازن معه وأخبره باقتضاب
خليك مع الرجالة ولو لقيت الوضع معقد هكلمك تجيبهم وتيجي..
سخر منه الرجل بلامبالاة وهو يتحصن بعدد من الرجال خلفه
مرتك!.. مرتك كيف وبأمر مين..
تحرك ليواجه عمها بحسم
مراتي بقسيمة الجواز دي..
ومد له صورة ضوئية لعقد زواجه من علياء..
سكت صالح لفترة وهو يتطلع إلى عقد الزواج
مش أوشاعات.. اللي بلغني حد موثوج فيه..
أجابه يزيد وهو لا يعلم كم أصاب بكلماته
اللي بلغك بيدور على الډم..
وبلاش تنولهاله.. أنت عايز أرضك.. وأنا عايز مراتي.. يبقى متفقين..
سكت لحظة ونظراته تتركز على مجموعة الرجال.. ثم قال لصالح بتأكيد
وإحنا هنتفاهم معاك أنت ليه.. فين بوك..
الكلام معايا أنا.. أنا جوزها وأي مسائل قانونية هحلها بس تروح معايا الليلة..
وبالفعل.. تمت المفاوضات _كما أطلق عليها سرا_ معه هو.. حيث بدا اهتمامهم جليا بالأراضي التي تخص علياء.. وقدمها لهم يزيد بدون نقاش.. واعدا نفسه أن يعوضها عنها بمجرد أن تبلغ الحادية والعشرين..
ثم بدأت طلباتهم تتزايد.. فأرادوا.. مهر.. شبكة.. مؤخر.. باختصار بدا أنهم يريدون كسب كل ما يمكن من وراء إتمام تلك الزيجة.. ووافق بدون معارضة فهو لم يكن يعلم أن موافقة أعمامها ما هي إلا خضوع لنساء الأسرة اللاتي قررن التخلص من وجود علياء بأي طريقة.. فهي تمتلك من الجمال والفتنة ما جعل كل واحدة منهن تخشى على رجلها أو أبنائها منها.. وخاصة بعد الخبر الذي زفته إليهن أم عواد.. فقد حسمن الأمر.. بضرورة إبعادها فلن يحمل
وافق على كل طلباتهم بدون نقاش.. حتى حفل الزفاف التقليدي الذي أرادوه.. ولكنه اشترط أن يراها ويخبرها بنفسه.. ولم يعترضوا.. فهم حصلوا على ما أرادوه من خلفها ولم يعد يهمهم إلا إنهاء الموضوع بما يليق..
أصرت عمتها على مرافقته ومعهما عمها الأصغر مهدي فاصطحباه إلى غرفتها والتي ما إن دلف إليها ورآها حتى تجمد في مكانه.. لا يصدق أن فراشته الرقيقة هي تلك الكتلة الضئيلة والتي ترتدي السواد بداية من وشاحها الأسود الكبير إلى جلباب واسع يكاد يخفيها تماما.. لولا لونه القاتم الذي ناقض بشرتها الشاحبة ما ميز وجودها داخله..
أجبر قدميه على التحرك خطوات بطيئة أولا.. ثم ما لبث أن أسرع لاهثا نحوها.. ركع على ركبتيه أمام الفراش الذي تكومت فوقه.. ليكتشف مع اقترابه كم الچروح والكدمات التي تملأ وجهها.. تكورت قبضتيه پعنف وهو يحاول منع نفسه من الذهاب إليهم لينتقم لها من كل خدش لكنه يعلم أن خروجه بها من ذلك المكان يعتمد على تحكمه في غضبه وثورته..
مسح بيده على وجهها وناداها برفق
علياء..
لم تصدق علياء نفسها وهي تسمع همسته.. ظنت أنها تحلم بوجوده لينقذها.. ولكن رائحة
علياء..
حركة بسيطة من أجفانها المغلقة أنبأته أنها تسمعه.. فعاود النداء
علياء ردي علي..
حركة ضئيلة أخرى من أجفانها ولكنها مصرة على عدم فتح عينيها.. تحرك ليجلس بجوارها في الفراش ورفعها من رقدتها ليضعها على صدره.. ويزيح بيده الوشاح من فوق رأسها.. لحظتها اتسعت عيناه پألم وهو يرى شعرها الجميل وقد اختفى بعد أن تم قصه بطريقة بدائية وهمجية..
وصلته شهقتها الضعيفة فأخفض بصره ليلتقي بزرقة عينيها وقد غشيتها نظرات الوحدة
خلل أصابعه في خصلاتها المشعثة.. فعادت تفتح عينيها لتواجه نظراته وعندها لم تستطع التحمل فاڼفجرت في نوبة بكاء ډمرت تماسكه الهش من البداية فضمھا لصدره بقوة هامسا
هششششش... هنبعد عن هنا في أسرع وقت..
لم تجبه بشيء واستمرت في البكاء.. بينما أصابعه تتحسس چروح وجهها العديدة.. وهنا تعالى صوت عمتها
اتحشمي أنت ورجلك..
الټفت يزيد نحوها وقال بقسۏة وحزم مخاطبا مهدي
من فضلك.. عايز أكلمها على انفراد..
ابتسمت السيدة باستخفاف تقريبا قائلة
جول اللي أنت عايزه.. وحد مانعك!
بنبرة باردة كالصقيع أجاب يزيد
عايز أكلم مراتي لوحدها..
سامحيني.. والله ما كنت أعرف.. والله ما كنت أعرف..
ظل جفناها مغلقين ودموعها تجري على وجنتيها الجريحة 
افتحي عينيك يا علياء.. شوفيني..
عاقبيني زي ما أنت عايزة.. أما نكون في بيتنا.. بس اسمعي الكلام وجاريهم في موضوع الفرح..
ظلت تحرك رأسها برفض بينما استمر هو في همسه لها حتى هدأت بين ذراعيه وخضعت مضطرة لمراسم زفافها الصوري.. ارتدت ذلك الثو
ظل يزيد يجوب أروقة المشفى كأسد حبيس فهو منذ سمع منها كلمة بڼزف.. فقد إدراكه بكل ما حوله ومن حوله.. ولم ينتبه إلا وهم بالمشفى بالفعل ومازن يتولى الأمور.. بينما تمسك بعلياء رافضا الابتعاد عنها.. حتى هتفت به نيرة في حنق
أنا هدخل معاها.. أبعد أنت بس..
ظل يجوب الردهة أمام حجرة الكشف بالمشفى ومازن يحاول جاهدا تهدئته.. حتى خرجت الطبيبة إليهما تجاورها نيرة..
بدأت الطبيبة كلماتها موجهة حديثها لمازن فهي صديقة وزميلة دراسة قديمة له
جنين!!.. هي علياء حامل..
رمقته الطبيبة بنظرة ڼارية وتعاود الحديث إلى مازن
هي محتاجة راحة لفترة بسيطة.. بس أنا ملاحظة..
قاطعها يزيد مرة أخرى
كلميني أنا.. دي مراتي..
فقدت الطبيبة أعصابها وهي تصيح به
من فضلك يا أستاذ.. أنا بحاول أتحكم في أعصابي أني ما بلغش البوليس.. مع أنه واجب علي أني ابلغ.. أنا بس عاملة
خاطر لمازن..
هتف يزيد بتعجب
تبلغي البوليس!.. ليه..
ثم خبط جبهته بكفه منتبها
عشان الچروح والكدمات!.. أنت فاهمة إني السبب.. لأ طبعا.. اتكلم يا مازن..
تدخل مازن مخاطبا الطبيبة
فعلا يا ولاء.. كلام يزيد صح.. الچروح والكدمات دي مجرد حاډثة و..
قاطعته الطبيبة
وقص شعرها حاډثة برضوه يا مازن.. بص.. أنا منتظرة إنها تفوق ووضعها يستقر.. وهفهم منها كل حاجة.. ولو جوزها سبب للي هي فيه ده.. صدقني مش هسكت.. و..
قاطعتها نيرة تلك المرة وهي تخاطبها بنبرة حانقة
ما هو قالك يزيد هو اللي جوزها.. إيه مش شايفة غير مازن ليه..
رمقها مازن بعجب فهو لأول مرة يستشعر الغيرة في نبرتها.. ولكنه قرر تجاهل ذلك مؤقتا.. وعاود الحديث إلى ولاء.. حتى أقنعها أن تسمح ليزيد برؤية علياء..
وقف يزيد أمام فراش علياء يتأملها في قلق.. بينما جاءه صوت نيرة من خلفه
بتتفرج على ضحيتك.. مش حاسس بأي تأنيب ضمير.. ده لو في ضمير من البداية..
أجابها وعيناه معلقة بوجه علياء الشاحب
تقدري تروحي يا نيرة.. أنا هبات معاها في المستشفى.. أكيد أنت تعبانة ومحتاجة ترتاحي..
تحركت نيرة لتجلس على الأريكة المواجهة للفراش.. واضعة ساقا فوق الأخرى.. وأخذت تعبث بأظافرها في ملل وهي تخبره
لا.. مش همشي.. أنا كمان عايزة أطمن عليها..
ياه.. حماتي دي صعبة قوي.. كنت فاكرها مش هتتحرك..
عدل وضع علياء بين أحضانه وهو يهمس لها
أنا عارف أنك صاحية.. صحيت وقت ما لبستك السلسلة..
لم يصله منها أي رد.. فقط تنفسها السريع أوضح أنها مستيقظة بالفعل.. 
ابننا هنا.. حافظت عليه بأمان.. أنت كنت عارفة صح..
لم تجبه أيضا.. وهو يمنحها كل العذر.. ولكنه غير قادر على الابتعاد عنها.. 
ليكي حق تزعلي.. خودي حقك مني وأنت في حضڼي.. ما تبعديش يا علياء.. أنا كنت هتجنن لما عرفت اللي حصل.. ومش هسكت إلا لما أعرف مين السبب.. وأجيب
 

تم نسخ الرابط