رواية براثن اليزيد للكاتبة ندا حسن

موقع أيام نيوز

كده وآه متسأليش مين علشان مش هقولك
أخذت خطوة إلى داخل الغرفة دون أن تتحدث بحرف بعد أن استمعت له وكأنها طردت الأمر من رأسها ثم أمسكت بمقبض الباب لتغلقه عليها ولكنه أعاق غلقها للباب ووقف متسائلا باستغراب مضيقا ما بين حاجبيه
بتعملي ايه
زفرت بحدة ثم أجابته متهكمة
هغير ولا تحب أنام كده
دفع الباب بيده وتقدم منها وعلى محياه ابتسامة لعوب ترجمتها سريعا وحاولت الهرب منه عندما وجدته يتقدم منها ولكنه حاصرها لتعود إلى الخلف بظهرها ولم تجد خلفها إلا الحائط ليقف هو أمامها مبتسم بمكر وهي محاصرة بين يديه الاثنين
تحبي أساعدك
نظرت إلى عينيه نفسه ليقترب منها لينال ما يريد ولكنها لم تجعله يتمادى ليعود إلى رشده سريعا..
دق باب الغرفة عندما وجدها قد أخذت ما يقارب الساعة لتبديل ثيابها فتحت الباب منزعجة من حضوره إليها وقد لاحظ ذلك على ملامحها الصاړخة بالانزعاج ليهتف وهو يتقدم إلى الداخل
كل ده بتعملي ايه مش في واحد عايز ينام
استدارت إليه غاضبة من دخوله الغرفة وحديثه البارد مثله لتقول بتهكم
وأنا مالي ما تنام
جلس على الفراش ثم تمدد وأجابها قائلا ببرود وهو يراها تشتعل أمامه
إزاي وأنت قافلة الباب
أنت بتعمل ايه
ابتسم بهدوء وهو يراها تتقدم منه بعصبية ليهتف ببرود وسخرية
هنام يا مروتي
تغاضت هي عن مناداته لها بهذا الإسم وقفت أمامه تهتف بحدة قائلة
اومال أنا هنام فين يلا أطلع نام بره
أنا هنام هنا وأنت هتنامي هنا..
دي اوضتي وده سريري وأنت مراتي.. وآه أي اعتراض ممكن اعمل حاجات تانية غير أنك تنامي جنبي وبس ويعني في الآخر الإختيار ليكي
ألقى بقية جملته وهو يجوب بعينيه على كامل وجهها بنظرته الماكرة خفق قلبها بشدة من تصرفه الغير مرحب به عقلها وقف عن التفكير لوهلة وهي تستمع إلى حديثه فقط تنظر إلى ملامح
وجهه التي تغيب فيه كل مرة تنظر إليه استمعت إلى بقية حديثه وعملت ما يرمي إليه لتقول بحدة وهي تبعده عنها
طب أبعد خليني إحنا هنا من زمان جدي وجدك كانوا شركا جم هنا وكل واحد أخد بيت لعيلته وكان بابا معاه وعمي سابت وبعدين كبروا في الشغل وفجأة سمعنا أن جدي أفلس إحنا منعرفش السبب ولا ايه اللي حصل بس عمي سابت قال إن جدك
آسفة يعني ڼصب عليه وبعدين جدي ماټ وبعديها بكام شهر بابا ماټ كل ده طبعا أنا مفتكرش منه حاجه لأني كنت صغيرة بس سمعت الكلام ده أكتر من مرة
نظرت أمامها في الفراغ المتواجد حولها من الأراضي الخضراء وهي لا تصدق ما استمعت له هي لم تستمع إلى هذه القصة من قبل هل من الممكن أن يفعل جدها هذا لقد ماټ شخصين بسببه لا مستحيل فهو كان طيب حنون رجل وقور عادل مؤكد لم يفعل ذلك هناك خطأ هي حتى لا تتذكر جيدا..
خرجت من شرودها على صوت شقيقة زوجها المتسائلة باستغراب
ايه يا بنتي روحتي فين
ابتسمت بود ثم اجابتها وهي تعتدل في جلستها لتواجهها من جديد
هنا هو يزيد بيشتغل ايه وفاروق أنا هنا بقالي أسبوعين ومش شايفه حد فيهم بيشتغل خالص
جلست يسرى القرفصاء ثم تحدثت بحماس قائلة
لأ إزاي بيشتغلوا طبعا شغلهم كله في الخشب فاروق أخويا وعمي ليهم هنا مغلق داخل نواحي البلد وكده أما يزيد ماسك المصنع اللي في القاهرة ودايما قاعد هناك
استغربت لسماعها لتلك الكلمات البسيطة التي لأول مرة تعلمها عن زوجها وقد جال بخاطرها فكرة ما فسألتها قائلة بجدية
بجد أنا أول مرة أعرف كل ده ظروف جوازنا كانت صعبة أنت أكيد عارفه.. بس هو معقول بيروح ويجي ده سفر من هنا للقاهرة
ابتسمت يسرى بحزن هادئ ملائم للموقف وللحديث الذي قالته زوجة أخيها
عارفة للأسف بس إن شاء الله كل شيء يتحل بس يزيد أصلا ليه بيت هناك.. أقصد إن حياته هناك أصلا وبيجي هنا إجازات بس
ابتسمت مروة باتساع وكأنها كانت ټغرق ووجدت وسيلة النجاة التي ستأخذها للشاطئ مما جعل يسرى تندهش لابتسامتها تلك ولكنها لم تكن تعلم ما الذي يدور بخلدها..
صدعتك برغي يا يسرى صح
ابتسمت يسرى ثم هتفت قائلة بحماس وهي تعتدل على مقعدها
بالعكس ده أنا كنت خلاص هطق والله يا مروة أنا أغلب الوقت لوحدي الكميا بيني وبين إيمان بايظه خالص ولا حتى ماما ومن يوم ما خلصت كلية وأنا زي ما أنا كده لحد ما أنت جيتي بقى
سألتها مروة مرة أخرى باستغراب
ليه محاولتيش تكوني صاحبة إيمان مثلا
زفرت يسرى بضيق شديد قد ظهر على تعابيرها ثم اجابتها قائلة بجدية
بصي صحيح إيمان من هنا يعني أقصد فاروق خطبها من هنا مش من الصعيد الجواني ولا حاجه بس دماغها قفل أوي وزي ماما كده ساعات بحس أنها بتاكل بعقل فاروق حلاوة بجد خبيثة أوي وعمري ما ارتحت معاها من يوم ما خلصت تجارة وأنا قاعدة زي ما أنت شايفه
صمتت لبرهة ومن ثم تحدثت قائلة
طب عارفة لما جيت أدخل كلية التجارة وقفت لفاروق وقالتله جوزها بلا علام بلا بتاع وقعدت تقول الست ملهاش غير جوزها وماما وافقتها وحتى عمي سابت بس يزيد وقف معايا وخلاني أكمل تعليم ڠصب عن الكل أنا ويزيد مش زي الباقي خالص
اومأت لها مروة برأسها ثم قالت بخفوت وهي تقترب منها برأسها بحركة مضحكة لتفعل الأخرى المثل
أنا كمان بحسها مش سالكة وبصراحة وقفالي زي اللقمة في الزور وبتعمل معايا حركات بايخة تتصنف بيها حرباية
ارتفعت ضحكات يسرى بعد حركات مروة العفوية وهي تتحدث وتصف إيمان زوجة أخيها ولكنها صمتت عندما تحدثت مروة مرة أخرى سائلة إياها بجدية بعد طرأ السؤال عقلها لتعلم الإجابة الصحيحة منها دون كڈب من شخص آخر
بس هو ليه بعد خمس سنين فتحتوا موضوع التار يا يسرى وبعدين أصلا ابن عمي اتحاكم ومشي وكان من غير قصده ليه عملوا كده
صمتت يسرى قليلا ثم نظرت إليها بجدية وتحدثت بعد أن تنهدت بهدوء
إحنا مكناش نعرف حاجه يا مروة ولا حتى يزيد يزيد اعترض وحصل خناق وسمعنا صوته وهو بيقول إنك ملكيش ذنب في حاجه زي دي بس عمي
سابت وماما وفاروق كلموه وبعدين غير رأيه ووافق
صمتت يسرى عن الحديث عندما وجدت إيمان تخرج من باب المنزل مقبلة عليهم في الحديقة تبتسم ببرود..
اقتربت منهم ثم وقفت أمامهم متحدثة بضجر
ايه هتفضلوا قاعدين هنا طول النهار قوموا ساعدونا يزيد عازم ضيوف عنده النهاردة
نظرت إليها
مروة باستغراب فهو لم يقل إليها شيء كهذا.. غبية ولماذا سيقول لها هو يتعامل معها كما لو أنها ليست موجودة من الأساس ابتسمت إيمان باستفزاز عندما رأت تعابير وجه مروة هكذا لتسألها بتهكم
هو يزيد مقالكيش
أجابتها وقد أحمرت وجنتيها من الخجل
لأ ممكن يكون نسي
ابتسمت إيمان بسخرية لاذعة ثم تحدثت بتهكم وهي تتجه للداخل مرة أخرى
نسي آه طب يلا يا ماما أنت وهي تعالوا ساعدوا
وقفت مروة و يسرى مثلها يسيرون للداخل فتحدثت يسرى إليها بجدية
متبقيش هبلة وزوجة ابنها هي لا تكف عن ازعاجها تستغل كل فرصة
ولو كانت حتى من اللاشيء لتحزن قلبها تتذكر منذ أن دلفت هذا المنزل وهي تعاملها باحترام ولم تغلط معها ولو بحرف صغير ولكنها تفعل العكس تماما لا تناديها إلا بابنة عائلة طوبار وهل هذا شيء مشين! أنها غريبة الأطوار حقا لقد تفاوتت المرات السابقة ولم تتحدث ازعجتها كثيرا تساندها إيمان تلك البغيضة مثل حماتها تكاد تجن من أسلوبهم وتلك الطريقة الرخيصة التي يتبعونها لو لم تكن يسرى معها وتحاول الدفاع عنها بكل الطرق وتحاول التهوين عليها لما بقيت هنا معهم..
استدارت والدة زوجها نجية إليها لتنظر إليها پحقد وكراهية ومن ثم هتفت قائلة بتهكم
هاتي الخضار اللي هناك ده يابت عيلة طوبار
تركت مروة السکين من يدها والذي كان تقطع به قطع اللحم لتتجه إلى الطاولة التي بالمطبخ موضوع عليها طبق الخضار الكبير أخذته واتجهت إليها وهي تعد بداخلها من واحد إلى عشرة حتى تهدأ ولا تثور على هذه المرأة العجوز تعثرت في طريقها بسبب حبة من البصل واقعة على الأرضية ولم تراها ليقع منها الطبق محطم وتناثرت محتوياته على الأرضية وقد جاهدت حتى لا تفقد توازنها ونجحت في ذلك..
شهقت يسرى بفزع واتجهت إليها على الفور مسانده إياها ثم هتفت قائلة بقلق واهتمام
أنت كويسه حصلك حاجه
لم تستطع مروة أن تجيبها حيث أن والدتها قد تحدثت بحدة وعصبية لا مبرر لهما فقد كان من الممكن تفاوت الأمر
مهي قدامك أهي كيف القرد تمام محصلهاش حاجه كسرت الصحن ووقعت الخضار على الأرض هو ده اللي عملته بت طوبار عيله جايه من عيلة غم بصحيح
وقفت مروة مدهوشة من حديثها الفظ بدلا من أن تتسائل إن كان حدث لها شيء سألت نفسها لماذا وافقت على هذا العڈاب ما ذنبها لتتحمل كل هذه الإهانة من سيدة مثلها تربيتها لا تسمح لها أن تعاملها بالمثل ولكن أن اضطرت ستفعل هي لا تحتمل بكل الأوضاع..
لم تتحدث معها بل انحنت على الأرضية تلملم ما تناثر عليها وتساعدها شقيقة زوجها بينما وقفت إيمان ووالدة زوجها بعيد نسبيا ابتسمت إيمان بوجهها ثم تحدثت قائلة بحماس
والله براوة عليك يا مرات عمي البصلة اللي وقعتيها كانت هتجيب أجلها
ابتسمت نجية وقد ظهرت تجاعيد وجهها وهي تقول والحقد يملئ قلبها
ولسه.. لسه مشافتش حاجه بت عيلة الڼصابين
تريثت قليلا ثم هتفت ببرود وسخرية بذات الوقت وهي تنظر إليها عندما كانت تجمع ما وقع على الأرضية
أمها ماټت وهي عيله والله تلاقيها طفشت من همها ولا حد رباها بعد المرحومة اللي سبتها من غير رباية
وقع ما كان بيدها ليستقر على الأرضية مجددا وقفت على قدميها وتركت كل شيء وهي تنظر إليها پصدمة فقد كانت كلماتها واضحة كوضوح الشمس ترقرقت الدموع بعينيها ومن ثم تسلقوا جفنيها ليسيروا على بشرتها الناعمة نظرت إليها وهي تبكي قهرا على ما تفعله بها وعلى هذا الحديث الچارح فهي تتحدث عن والدتها وعن تربيتها التي لو لم تكن موجودة لما تركتها تفعل ما يحلو لها ولكن يكفي حقا..
رفعت سبابتها في وجهها وتحدثت بحزم وجدية شديدة والدموع تنهمر على وجنتيها بلا توقف
اسمعي ياست أنت أنا من يوم ما جيت هنا وأنا سيباكي تعملي اللي عايزاه براحتك ومعترضتش لكن عند أمي وتقفي
دي مېته عند ربنا مش معانا هنا وأنا مش هسمحلك تغلطي فيها
تركتها وذهبت سريعا لتخرج من هذا المكان الذي ضاق فيه صدرها لينطبق على قلبها وكأنها ستلقى حتفها به كلماتها لم تكن هينة أبدا فقد ذكرتها بوالدتها الرحلة والتي لم تحظى بالوقت معها..
اصطدمت بجسده الواقف أمامها ولم تكن تراه بسبب محاولتها إزالة الدموع من
تم نسخ الرابط