قصه بقلم ډفنا عمر

موقع أيام نيوز


وجهها بحمرة الخجل وهي تميز صوت ابن العم عتبة من خلفها مستطردا ألف مبروك ليك يا هيما انت وخديجة.
تلاحما أبناء العم بعناق مبادرا الأصغر الله يبارك فيك اظن دلوقت هدخل الجامعة ومش هتعاملني اني صغير بعد كده.
ضحك عتبة يعني هتقدر تلغي فرق ست سنين بنا ازاي برضو هفضل الكبير وانت الصغير ياهيما.
حور وهي تعانقهما معا ربنا يخليكم لبعض يا ولاد.

شروق بخبث طب وبالنسبة لخديجة بنت عمك اللي خلاص داخلة الجامعة برضو صغيرة
اشتعلت وجنتي الصغيرة خديجة من فرط الخجل وقالت وهي تندفع للمغادرة أنا هنزل لتيتة شوية عن اذنكم.
تابع مرورها أمامه وهي تشيح وجهها عنه ليبتسم متفهما خجلها الذي يحبه كما يعشقها هي حد الوله..وينتظر بفارغ الصبر أن تتحقق أمنيته بالزواج منه كما وعده أبيه بعد إتمام دراستها الجامعية ويدعوا أن يعينه الله على الانتظار الأعوام الباقية .
بغرفة والده اختلى بنفسه متظاهرا بالنوم ولا أحد يدري برغبته الحقيقية وهو يحتضن صورة أبيه الراحل بعين دامعة وهو يهمس له أنا واختي نجحنا يا بابا ..ماما كانت بتقولي ان كانت كل أحلامك في اخواتي اللي ماټو الله يرحمهم انك تشوفهم ناجحين ورافعين راسك .. وادينا اهو يا بابا بنحقق حلمك حتي لو كنا جينا الدنيا بعد ما سبتها ..كفاية اننا من صلبك وبذرة الأمل اللي خلت ماما تقدر تعيش بعدك..
هنبتدي طريق مستقبلنا بمرحلة جديدة .. أنا هدخل الطب اللي بحلم بيه وربنا يقويني ..وعايز اقولك إن عمو تيمور واقف في ضهري وساندني وبيشجعني طول الوقت.. دايما يقولي ان أنا واختي وماما. عايشين في خيرك انت..عمو بيحبك اوي يا بابا .. بشوف جواه حزن لما بتيجي سيرتك حكالي لما كنت بتقف انت وهو علي السطح ..وتتكلموا سوا ..تعرف انا بحب اقعد فوق في نفس مكانك ..
جرف الصغير عبراته وهي يسترسل بوصلة بوحه الخاصة أمام صورة والده وتعرف كمان يا بابا لما عمو كلمني في التليفون انهاردة وعرف بنجاحنا حسيته كأنه بيبكي بس خبى عني لكن انا فهمت انه بيبكي من فرحته بينا.. هو فرحان من قلبه علشانا.. وتيتة مفيش يوم مش بتجيب فيه سيرتك وهي بتحيلكي أنا وخديحة عنك ازاي كنت بار بيها.. وانا بكمل طريق برك يا بابا.. بعمل لتيتة كل حاجة بتحبها.. حكيتلي مرة انك كنت بتفصصلها الرمان بإيديك وتأكلها لما ترجع من شغلك .. وانا كمان بعمل كده ..أوعدك يا بابا في كل حاجة هكون مكانك كأنك عايش وأكتر..
أزال بظهر كفه دموعه مجددا وأستطرد
خديجة أختي كمان ليها أحلام كتير عايزة تحققها وانا واثق فيها.. وأكتر حاجة مفرحاني ان عتبة ابن عمي هيخطبها..هتكون مع راجل يصونها ويسعدها.. أما انا لسه قلبي مقفول.. معرفش امتى وازاي ممكن احب.. بس أوعدك انك هتكون اول واحد يعرف سري واكلمه عن حبيبتي اللي لسه في علم الغيب.
قبل وجه أبيه داخل البرواز وواصل ماما بقا دي أعظم أم في العالم..مفيش أهم عندها مني انا واختي ..ماما لسه بتحبك يا بابا .. سمعت مرة من فترة كبيرة طنط شروق وهي بتحاول تقنعها توافق على عريس قريبها اسمه عمو بدر.. بس ماما رفضت بشدة ..وقتها ارتاحت اوي يا بابا .. أنا مش عايز ماما تتجوز تاني ..عايزها تفضل لينا احنا وبس .. وعهد عليا هتفضل تاج راسي واهم ست في حياتي حتى لما اتجوز.. هكون بار بأمي زي ماكنت انت بار بتيتة خديجة.
طرق خاڤت قاطع خلوته لتعبر والدته وعيناها تلمع بسحابة دامعة وهي تراه يعانق صورة أبيه..اقتربت منها فضمته كنت عارفة انك هتيجي هنا تفرح ابوك بيك يا ابراهيم.. ثم احتوت وجهه بكفيها وهي تتمتم سامحني يا ابني انا سمعت أخر كلامك ڠصب عني..وعايزاك تطمن.. أنا مستحيل اتجوز بعد أبوك عارف ليه
صمت الصغير وهو يناظرها بتقدير وراحة لما قالته لتواصل لأن عمري ما هلاقي زيه.. رغم ان عشرتنا كانت قصيرة بس الأثر اللي سابه جوايا
يكفيني ويرويني العمر كله لحد ما اموت.. أنت ابني وراجلي وسندي أنا واختك في الدنيا..ربنا يقدرني واكمل رسالتي معاكم عشان يوم ما اقابل ابوكم اقوله اني حافظت على الأمانة وصونتها.
انحني مغدقا وعوده البريئة عليها لينتهي الأمر لنومته الهنيئة فوق قدميها بدلال يستحقه بعد أن حصد لها فرحة نجاحه هو وشقيقته.
همسات ذكرها وشكرها لله تتوالى وأناملها المجعدة تحصي فوق مسبحتها الغالية .. مسبحة خليلها أبراهيم .. ذكراه التي لا تفارفها .. وكل يوم تهب ثواب قرائتها للقرآن لروحه الطاهرة ..وكل ليلة يزورها ويبتسم بوجهه المضيء ..تعلم أن ولدها يحظي بنعيم الأخرة..ومن غيره يستحق جنة الفردوس العالية ..وهي عنه راضية كل الرضا .
_ تيتة.
الټفت لحفيدتها التي أسدلت شعرها الطويل وهي تقول يلا بقي يا ديجا معاد حمام الزيت اللي بتعمليهولي كل أسبوع..تعرفي يا تيتة البنات اصحابي هيتجننوا من جمال شعري.
_أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
سارعت الجدة ترقي حفيدتها بدعاء يكفيها شړ العين لتعود وتهتف الصغيرة بس انا زعلانة من طنط شروق خالص يا تيتة.
قالت وهي تدلك بأطراف أصابعها بين شعرها الغزير
كسفتني قصاد عتبة ابن عمي.
الجدة بخبث ليه قالت ايه
أخبرتها ما حدث لتقهقهة جدتها شروق دي شقية.
ثم تلاشت ابتسامتها وهي تتذكر أنهما لتلك اللحظة لم يعودا مثلما كانوا.. لم تنسى شروق ما بدر منها سابقا.. رغم انها تعاملها بما يرضي ربها لكن هناك شيء مفقودا بعلاقتهما.
_ تيتة.. تفتكري عتبة بيحبني بجد يعني ولا دي ممكن تكون رغبة عمو تيمور وطنط شروق وبس وهو بس بينفذ رغبتهم هما ومش بيحبني 
ضوت عينيها بحنان ومايحبكيش ليه ياعين خديجة ده انتي ما شاء الله ست البنات كلها ومفيش احلي ولا احسن ولا اشطر منك يا خديجة
_قوليلها يا تيتة!
شهقت وهي تميز صوته للمرة الثانية لتطلق العنان لقدميها وهي تتواثب لغرفة جدتها وهو يضحك وقلبه يخفق لرؤيتها بهذا الشكل.
_ أنت بتكسف حفيدتي ليه ولد ياعتبة..تعالي هنا اما املصلك ودانك.
اقترب منها لتمسك أذنيه بقوة فيتظاهر بالألم براحة يا ديجا.. والله مقصدت اكسفها .. اعمل ايه حظي عنب انهاردة .. وهي كل اما تشوفني تجري تستخبى كأني مش ابن عمها ومتربين سوا.
_ لأنها بتتكسف زيادة وانت عارف وبتتعمد تضايقها يا لئيم انت.
ضحك وهو يحرر أذنيه من كفها الذي لثمه وقال
بحب انكشها والله يا ديجا مش اكتر يعني. غلطت كده أنا.
ثم تعمد أن يعلو صوته قليلا
بمۏت في خجلها وخدودها الحمرة يا تيتة ..
ضحكت وهي تكشف حيلته وتضربه علي أم رأسه
أنا مش جردل وسطيكم يا ولد احترم وجودي وبلاش دلع.
_ يا ديجا ده انتي حبيبتنا. لو مش نتدلع علي حسك نتدلع علي مين.
ونهض وهو يخبرها برحيله ثم علا صوته مرة أخرى
أنا نازل يا تيتة.. وأوعي تقفي علي السطوح بشعرك أحسن أطين عيشتك يا تيتة..وكنت نفسي اتكلم معاكي بس انتي جبانة وكل اما تشوفيني تجري.
لطمة قوية أصابت كتفه والجدة تقوم بتوبيخه أنا جبانة يا قليل الرباية .
غمزها وهو يقول يا ديجا ما انتي فاهمة الليلة والكلام رايح لمين..يلا بقا أنا نازل اقابل اصحابي.. ومتنسيش تعمليلي المهلبية اللي بحبها من ايدك.
_ لا تيتة هتعمل بلح الشام اللي بحبه.
برز أمامهما أبراهيم من فتحة الباب الموارب دائما ليضيء محياها برؤيته فيصيح عتبه مازحا شايف عنيها بتلمع ازاي اما بتشوفك كأن انت بس اللي حفيدها ..ثم مال علي أذني جدته يقول بخفوت
طبعا أنسي موضوع المهلبية اللي طلبته صح.
ضحكت لا ياحبيبي هعمل كل اللي نفسكم فيه..
عتبة واخدة وقلبي وربنا.
جلس أسفل قدميها بعد رحيل ابن العم وراح يداعب كاحلها بحنان مبسوطة بنجاحنا يا تيتة.
ملأت حدقتيها بوجهه الذي يشعرها دائما انها تراه هو.. إبراهيم ولدها..ثم. قالت مبسوطة طول ما انتم بخير يا قلب تيتة .. يارب يحفظكم ليا واسمع عنكم كل طيب .
أمن علي دعائها لتنضم أليهما خديجة التي قلدت أخيها وجلست أسفل قدميها لتنظر إليهما ولعين خيالها تجسد لها إبراهيم بينهما كأنه يضم الصغيران.. أغمضت عيناها وتكاد تشعر بأنامله تدلك. كاحلها كما كان يفعل قبل مۏته..صورة ثلاثتهم تراها حية بأرض خيالها.. روحه هنا معهم.. لم يفارقهم لحظة واحدة.
همست بما لم يصل لمسامع أحفادها لكنهم أدركوا جيدا حالتها.. الجدة تسبح بخيالها بعيدا.. تري ما تحب أن تراه.. أما هو ضم كتف شقيقته وقال بحنانه ودلاله المعهود مبروك يا ديجا..هجيبلك هدية هتبهرك وتعجبك خالص..ودايما يارب تخلي راسنا مرفوع بيكي يا تؤام أخوكي.
ابتسمت له مبروك ليك أنت كمان يا هيما..واوعدك
أبراهيم وخديجة هيفضلوا دايما فخر لماما وللعيلة.
وفخر لأبونا الله يرحمه
تمت بحمد الله.

 

تم نسخ الرابط