لمن القرار بقلم سهام صادق

موقع أيام نيوز


رئتيه بالهواء ثم بصق خلفه بعدما غادر قسم الشرطةهندم قميصه
المتسخ يهتف متذمرا
أي مصېبة تحصل مافيش غير فتحي 
إستمع إلى اسمه فلتف بجسده يطالع الرجل الذي وقف يلتقط أنفاسه بعدما ركض خلفه لمسافه 
في حاجة يا أخ 
وبنبرة هادئة هتف الرجل وهو ينظر نحو البعيد 
الهانم مستنياك في عربيتها 
هانم!أنا معرفش هوانم 

لفظها فتحي مستنكرا يرفع شفته العلويه ويضيق عينيه 
الهانم عايزاك في مصلحة يا فتحي 
التمعت عينين فتحيفإذا كان الأمر يخص مصلحة لما لا يذهب ويرى اتبعه بعدما التف حوله قليلا يتأكد من عدم إتباع أحد له فتح الرجل له السيارة ليصعد داخلها
الراجل بتاعك قالي إنك عايزانى يا هانم 
قالها بنفاذ صبر فرفعت نظارتها عن عينيها تشم تلك الرائحة الكريهة
تعلقت عينين فتحي بها ينتظر سماعها دون أن يعبأ بنظراتها النافرة نحوه سردت عليه ما ارادته تحاول أن تتلاشى رائحته التي كتمت على أنفاسها 
أخرجت من حقيبتها المال وقد لمعت عينين فتحي بشدة 
ڤضيحة في حارتنا يا هانملمين
وقف سليم بسيارته بعدما وجد الحارس يشير إليه انزل زجاج سيارته يطالع الرجل الذي وقف خلف الحارس 
يا باشا الراجل ده مستنيك من الضهرمهما قولتله مش راضي يمشي يا بيه
أشار إليه سليم بالأبتعاد قليلا حتى يري ملامح الرجلقطب حاجبيه يحاول أن يتذكر هل رأه من قبل أم لا
ولكن الجواب ها هو يعلمه عندما خرج صوت الحاج عبدالحميد يعرفه بحاله 
اتفضل يا ياحاج نورت
رحب به سليم فور ان فتحت له الخادمة المنزل ودلف هو والحاج عبدالحميد الذي وقف للحظات يطالع المكان بأعين مذهوله يلوم حاله إنه منذ ساعات حداسته كرجل جعلته يفترض أن هذا الرجل يحب إبنته
تشرب إيه يا حاج
فاق الحاج عبدالحميد من شروده يطالع ما حوله بتوتر
ملهوش لزوم يا بنيأنا جاي أشكرك
انصرفت الخادمة بعدما أمرها سليم بإحضار كوبان من الشاي
اتفضل اقعد يا حاج عبدالحميد
جلس الحاج عبدالحميد بجلبابه البسيط يستشعر بالغربه في المكان يحادث حاله
لازم اخدك من هنا يا بنتي مصيرك مش هيكون غير إنك تنداسي تحت الرجلينكفاية اللي حصلك زمان
أنا عارف يا حاج إن ليك حق عندي زمانوأنا مستعد انفذ اللي تطلبه
تمتم بها سليم فطالعه الحاج عبدالحميد بغرابة ولكن سرعان ما أدرك مقصده
حق بنتي عند ربنا يا بيه 
اقترب منه سليم وجاوره في جلسته 
وأنا عايز ارتاح يا حاج من الذنبأنا عندي بنت متمناش إن هيحصل فيها كده في يوم من الأيام 
بهتت ملامح الحاج عبدالحميد ينظر إليه مستفهما 
أنت متجوز يا بيه 
التقطت عينين سليم الخادمة وهي تقترب منهما بأكواب الشاي نهض يأخذ منها الصنية فطالعته الخادمة ولكن إشارة من عينيه جعلتها تنصرف صامته 
اتفضل يا حاج الشاي
التقط الحاج عبدالحميد الشاي بتوتر ينتظر منه إجابته 
ايوة يا حاج أنا كنت متجوز
وصمت قليلا يرتب حديثه لعلا تلك المرة ينال مبتغاه 
أنا راجل دوغري يا حاج وعشان كده بطلب منك النهارده أيد فتون رغم إني المفروض أجيلك بيتك الأوللكن وجودك النهاردة سرع الخطوة وكل اللي أنت عايزه هيحصل 
اتسعت عينين الحاج عبدالحميد وقد رفع عينيه نحوه 
أنا عايز فتون زوجة ليا يا حاج عبدالحميد 
تعلقت عينين الحاج عبدالحميد به فطالعه سليم ينتظر جوابه في لهفة 
هتتجوز بنت راجل بسيط أجري باليومية هتتجوز اللي كانت مرات السواق بتاعك وكانت خدامة عندك يا بيه 
تجمدت عينين سليم وهو يحاول تلاشي ذكرى حسن عادت ملامحه تنبسط ينظر إليه 
قولتلك يا حاج عبدالحميد عايز فتون زوجة ليا وميهمنيش أي حاجة تانيه صدقني 
قبلت زواجها 
قالها وهو ينظر إليها بحب ورغم نظرات اللوم والكسرة التي تطالعه بها إلا إنه كان سعيد بشدة 
ضمھا والدها إليه بقوة يهمس لها بعدما اخذ البعض ينفض من حولهم 
أنا ظلمتك زمان لما جوزتك حسن لكن قلب الاب المرادي مرتاح يا بنتيجوزك هيجيبك البلد ونعملك فرح وسط اخواتك والجيران 
وابتعد عنهافاقتربت منها جنات تضمها إليها وتمازحها 
قضيتي ليلة في التخشيبة و بعدها جوازة يومين عمرهم ما يتنسوا من العمر يا فتون 
وقف يستمع لوصايا الحاج عبدالحميد وعيناه لا تفارقها تنحنح أخيرا حرجا ينظر نحوها 
خد مراتك يا بني 
تعلقت عينين فتون بوالدهافمن التي سيأخذها وسيرحلوما الذي حدث وكيف تزوجت وكأنها أخيرا بدأت تستوعب ما يمر أمامها 
روحي يا بنتي مع جوزك 
والشريط يعود إليها ثانية ذكريات مضت عليها ما يقارب أربع سنوات وأشهر وحسن يأخذ بيدها ويصعد بها القطار نحو المجهول تسارعت أنفاسها من هول الذكريات عليها ووقعت عينيها على يده التي قبضت فوق يدها تقف أمام سيارته وأعين والدها وجنات تحاوطهما
أنت وخدني على فين
واخدك على بيتنا يا فتون
يتبع 
بقلم سهام صادق
الفصل الواحد والثلاثون حتى السادس والثلاثون
الفصل الواحد والثلاثون 
بقلم سهام صادق
تلك النظرة وحدها هي ما كانت تحتل
عينيها نظرة ظنت إنها لن تلقيها يوما نحو أحبابها ولكن هل نظرة الخذلان ترحل عن أعيننا مهما كنا وتخطينا
أطرق الحاج عبدالحميد عينيه أرضا بعدما صعدت أبنته السيارة ورحلت مع سليم النجار ذلك الرجل الذي وعده بحياة افضل لأبنته حياة سترى فيها النعيم والدلال حياة ستكون فيها هي السيدة منذ سنوات أتم زواجها لأن الزواج ستر للفتاة رغم صغر سنها واليوم يزوجها بعدما أغرته الحياة التي ستعيش فيها أبنته
سار بخطوات متثاقلة وأكتاف متدلية لأسفل ونظرة الخيبة والخذلان التي شيعتها بهما أبنته لا تفارفه وللمرة الثانية كان يختار هو القرار لها 
أنت رايح فين يا حاج عبدالحميد
خرج صوت جنات بعدما أنتبهت على رحيله ولكنها لم تحصل على إجابه منه فقد اكمل خطواته راحلا 
بناية راقية وشقة كان العنوان واضح منذ ترجلها من السيارة تحركت بخطوات بطيئة تنظر حولها بعدما أضاء إنارة الشقة وأغلق باب الشقة خلفهما أقترب منها بخطوات ثابتة والسعادة تحتل عينيه 
أغمضت عينيها فما سيكون المنتظر من العروس إلا إن تلبي رغبات زوجها ضمھا إليه يهمس جوار أذنها
قدمتله عرض إيه خليته يا وافق! 
تجمدت عيناه كحال ملامحه فارخي ذراعيه عنها فنفضت جسدها عنه بقوة واهية 
سليم بيه لازم يقدم عروض عشان ينول اللي عايزه ولا أنت رأيك إيه يا باشا
فتون أنتي بتقولي إيه 
خرج صوته بعدما رأي نظراتها نحوه وعاد يقترب منها يلقي عليها سحره الذي جعلها ذات يوم لا ترى أمام عينيها إلا هو
طبعا لازم تظهر الفارس المغوار وراجل بسيط زي أبويا قدرت تلعب عليه هعيشها أحلى عيشه هساعد أخوها الصغير إنه يوصل لحلمه وينضم لنادي الناشئين اللي عمره للأسف ماهيقدر يوصله هساعد باقي أخواتها في تعليمهم 
ألجم حديثها لسانه فتراجع للخلف وعيناه مازالت عالقه بها هو يريد لها حياة كريمة ولأهلها ولكنه لا يريد مقابل لشئ لقد خانه القرار للمرة الثانية وها هو يخطئ أفكاره تجعله يسقط في حفرة يحفرها هو بيديه
التمعت عينيها بالحقد تنظر إليه بنظرة شاملة ماقتة
عرضت عليه يمسك المزرعه بتاعتك لعبت معاه في أكتر حلم نفسه يحققه الفلاح البسيط عايز إيه غير كده
إندفع صوبها يقبض فوق كتفيها فتلاقت عيناهم فهتف بعدما إستعاد ثباته قليلا
فتون والدك كان هياخدك من هنا كنتي هتبعدي عن أحلامك 
إسترد أنفاسه المهدورة وأطرق عينيه يتابع حديثه لعلها تفهمه 
مقبلش عرضي للجواز في الأول خاف لتكوني نزوة في حياتي مكنش قدامي حل غير كده كان لازم أستخدم الطريقه ديه لأنها الطريقة الوحيدة اللي هتقنع ابوكي يا فتون
هتف عبارته الأخيرة وكأنه يقصدها إنحدرت دمعة على كلا خديها سرعان ما ازالتهما
وأنت عرفت تلعبها معاه صح سليم بيه المحامي بيعرف كويس إزاي ياخد اللي عايزة بكل الطرق الممكنه
قطب ما بين حاجبيه يستمع لحديثها لا يصدق أن التي تقف أمامها الأن هي فتون الصغيرة
أنتي اتغيرتي أوي يا فتون
الزمن بيغير يا باشا
هتفت بها وتقدمت للأمام بخطوات ثابته تبحث عن غرفة تستشعر فيها راحتها وقد وجدت أخيرا الغرفة التي راقتها وقف مكانه مصډوما لا يستوعب ما حدث وبعدما كان يشعر بالزهو لنيله ما أراد إختفي زهوه وسعادته
تهاوي بجسده على أقرب مقعد يدفن رأسه بين كفيه
كنت فاكرها هتجري تترمي في حضنك للمرة التانية بتخسر يا سليم
يخطف تلك النظرات خلسة ك اللص يطالعها وهي تبتسم لصغيريه بعدما غفوا يستمع لصوتها ووصاياها لمربيتهم بأن تعتني بهم جيدا حتى تأتي إليهم صباحا ولكنها ستتأخر عن موعد مجيئها 
غادرت الشقه فسمح لأنفاسه بأن تعود لطبيعتها فقد عادت الحبيبه لعالمه عادت لتسرق فؤاده وأنفاسه ثانية عادت لتؤكد له أنه لم يكرهها يوما وفي حضرتها يكون رجل ضعيف
أسرع نحو شرفة غرفته يصوب عيناه نحو سائقه وهو يفتح لها باب السيارة وينتظر دلوفها للحظات ترددت ولكن في النهاية أتأخذت مكانها فالطريق للحارة طويل
اغمضت عينيها واتكأت للخلف تسترخي قليلا بعد يوم مرهق ولكنه كان لذيذ مع الصغار الصغار الذين هم من دماءها صغار شقيقتها التي حاربتها يوما لتنال الرجل الذي أحبته وهي تركت لهم الساحة وانتصروا في النهاية وضاع الحب كما يضيع دوما في المعارك الصعبة 
وقفت السيارة
أخيرا أمام البناية

وقبل أن تنتبه على وقوفها وتترجل منها كان السائق يفتح لها الباب طالع المشهد الكثير من الأعين المتربصة شكرت السائق بخفوت وأسرعت في دلوف البناية تتجنب تحديق الناس بها وخاصة الرجال ندمت على سوء أخذها إعتبار إنها لم تعد تعيش في تلك المناطق التي لا يهتم فيها الناس ببعضهم 
الأكل يا فتحي
التف فتحي نحو بسمة التي وضعت له صنية الطعام حانقة من تسخينها له للمرة العاشرة طالعها فتحي متهكما بعدما القى بنظرة أخيرة نحو السيارة الفاخمة وهي تغادر حارتهم للتو وقد ترجلت منها تلك الجارة الدخيلة على حارتهم 
حتت عربية أما إيه بصحيح الواحد إمتى يطلع على وش الدنيا ويتنغنغ 
وابتلع لقمته والأحلام تراود مخيلته الطامعة
قطبت بسمة جبينها متسائلة بعدما غمست لقمتها في الطبق
عربية إيه اللي كانت في حارتنا يا فتحي 
تأوهت بخفوت بعدما لطمھا فتحي على يدها الممدودة نحو طبق الطعام 
إيه مش فالحه غير ليل نهار تاكلي مش بتشبعي 
ابتلعت غصتها مع تلك اللقمة التي استقرت في جوفها بمرارة نهضت من أمامه فرمقها غير عابئ بها 
اعمليلي كوباية شاي بدل ما انتي واقفه بصالي في اللقمة كدة 
طالعته بمقت ولكن تلك النظرة التي طالما أرعبتها جعلتها تتراجع فجسدها لم يعد يتحمل ضرباته اتجهت نحو المطبخ تصنع له كوب الشاي تتمنى داخلها أن يكون أخر كوب يرتشفه من الدنيا ثم رفعت يديها داعية الله أن يخلصها 
يارب يجيلي ابن الحلال اللي يخلصني منك يا فتحي
بسمة بسمة 
انبسطت ملامح بسمة واتجهت بعينيها نحو شباك المطبخ
أنتي رجعتي امتى يا ملك 
وسرعان ما تذكرت حديث فتحي عن تلك السيارة الفارهة فتلاعبت بحاجبيها 
هي العربية الفاخمة اللي كانت في حارتنا كنتي انتي اللي فيها 
لصقت ملك جسدها بجدار الشرفة المطله على مطبخ بسمة مازحة
هو أنتوا الخبر بينتشر عندكم بالسرعة ديه 
التوت شفتي بسمة إستنكارا تستند بذراعيها على النافذة الضيقة 
ما أنتي سايبه العز وجاية تعيشي هنا ده الواحده مننا حلم حياتها تمشي من الحارة
 

تم نسخ الرابط