لمن القرار بقلم سهام صادق
المحتويات
العطلة الصغيرة التي أراد منحها لكلاهما بعيدا عن اشغاله ومخاوفه التي تعلم إنها لن تنتهي مادام ابنته بعيده عنه
كنت بتسألي نفسك إزاي راجل زي سليم النجار مهوس بيك ومش عايز يبعد عنك وبيدور على الوقت عشان يقضيه معاك اه دلوقتي أنت اللي بتسألي نفسك عن الوقت اللي تكوني معاه فيه يا فتون
تسألت في تذمر وهي تغمض عيناها في حنق بعدما احرقها صابون الإستحمام فقد ضاعت السحابة الوردية التي كانت تحيط حياتهم وليتها عاشتها بجميع تفاصيلها
فما يربط الازواج سوى تلك العلاقة لا غير
جففت خصلاتها في عجالة وارتدت ثوبها البسيط وصندلها الخفيف تهبط الدرج حتى تتجه إلى مكان وجوده
توقفت مكانها وهي تراه يدلف المنزل بعدما استمعت لصوته وهو يخبر احد العمال المهتمين بالمزرعة إنه سيغادر بعد ساعه من الأن
ابتعلت غصتها في مرارة تحاول تطرد أي شعور يعيدها لأي نقطة بائسة
فتون هانم اللي قالت صحيني معاك نشوف شروق الشمس سوا
ضاقت عيناها بعدما اقترب منها يلثم خدها
تسألت بعدما حاولت تذكر لحظة إعتراضها
لا أنا عموما هطلع اخد دش سريع ونمشي
حضرتلك الفطار في المطبخ افطري لحد ما انزل
ارادت الحديث وإخباره عن رغبتها في قضاء اليوم هنا ولكن عاد يسكتها بقبلته مرة أخرى
عايزك تقوليلي نجحت في البيبض بالبسطرمة وطبقت الطريقة صح ولا لاء
اسرع في صعود الدرجات فعلقت عيناها به في هيام فهي عالقة بحب هذا الرجل منذ أن كانت خادمته
تذوقت طعم البيض ولكن سرعان ما كانت تخرج اللقمة من فمها لشدة ملوحته
ارتشفت بضعة رشفات من كأس العصير بعدما مضغت شرائح الخيار التي قطعها بطريقة اعلمته إنه حاول من أجلها أن يجعل لها طعام الفطور مميز
توقفت نهاية الدرج تنظر نحو الطرقة المؤدية لغرفة الجد
ولم تشعر بقدميها وهي تأخذها نحو الغرفة التي شهدت سقوط الجد في تلك الليلة التي اقتحم فيها حسن المنزل لسړقة تلك المجوهرات الخاصة بجدة سليم وكان الجد يحتفظ بها
لم يتغير شئ بالغرفة رغم التحديث الذي أحدثه سليم في بيت المزرعه كل شئ كان مكانه وصورة الجد معلقة
فتون
أجفلها صوته فانتفضت مڤزوعة
بتعملي إيه هنا
بصعوبة استدارت إليه تنظر إلى شعره الرطب بأنفاس تحاول إلتقاطها
مش عارفه ليه رجلي اخدتني لهنا
تجمدت ملامح سليم فحاولت إخراج بعض العبارات
اجتذب ذراعها حتى يخرجها من الغرفه يمسح فوق وجهه
تعال رنين هاتفه الذي فتحه وهو يبحث عنها ينظر نحو رقم السيدة ألفت وقد بدء هاتفه يصدر الكثير من الرسائل العالقة التي أتته ليلة أمس
سليم بيه خديجة هانم هنا
استقبلتهم السيدة ألفت فور أن دلفوا للمنزل تشعر ببعض القلق على حال السيدة خديجة خاصة إنها منذ وقت قليل
كانت لديها تسألها إذا ارادت أن تعد لها وجبة الافطار
وجهها الشحوب ومحاولتها في إخراج صوتها جعلها تشعر بوجود خطب ما بها
الهانم وصلت الفجر انا كنت عندها فوق لكن شكلها تعبان
تصلب وجه سليم من شدة القلق فعمته حينا تأتي لمصر يكون على علم مسبق منها
سليم أنت قلقان كده ليه اكيد مجرد زيارة وحبت تعملها لينا مفاجأه
تمتمت بها فتون رغم التوتر الذي تشعر به لأنها ستلتقي ب خديجة النجار عمة زوجها تلك المرأة التي حينا التقت بها اشعرتها كم هي ضئيلة في كل شئ أمامها
تحرك سليم نحو الدرج قاصدا غرفتها ولكن رنين هاتفه بتلك النغمة المخصصه جعله يتوقف ينظر لصورة صغيرته
التي أضاءت على شاشة هاتفه
ابتعدت قليلا حتى يحادث صغيرته يسمع عتابها له عن عدم مهاتفته لها ليلا
طالعته فتون بعينين لامعتين تتوهج توق لتلك اللحظة التي ستحمل فيها احشائها طفلا منه
اطلعي يا بنت لخديجة هانم أنت دلوقتي ست البيت
تمتمت بها السيدة ألفت بعدما اقتربت منها تومئ لها برأسها إنها عليها الترحيب بعمة زوجها وإتخاذ دور سيدة المنزل
بتوتر صعدت فتون بعدما القت بنظرة أخيرة نحو سليم الذي انشغل في التبرير لصغيرته عن سبب عدم مهاتفته وأن العمه خديجة هنا وسيأتي لأخذها حتى ترحب بشبيهتها الكبرى وتقضي بضعة
أيام معهم
اختفى صوت سليم عن أذنيها وقد أصبحت أعلى الدرج تتجه نحو الغرفة التي اخبرتها عنها السيده ألفت عن وجودها فيها
ببضعة طرقات خافته طرقت الباب تنتظر سماع صوتها
ادخلي يا مدام ألفت
تمتمت بها خديجة وهي منحنية تضع بيدها فوق بطنها من شدة الألم
دلفت فتون بقليل من الأرتباك تنظر نحوها وقد صدمها مظهرها وذلك التعرق الذي يغطي جبهتها لم تعرف فتون بما تناديها او تتحدث ولكن صوت خديجة اخرجها من أفكارها
فتون ممكن تشوفيلي أي مسكن قوي ألم فظيع في بطني هيموتني
تمتمت بها خديجة وقد ازداد انحنائها تعصر أسفل بطنها بقوة
تمتت بها فتون بوجه شاحب
شحب وجه خديجة تنظر نحو ساقيها ترفع عيناها نحو فتون التي اقتربت منها وقد عادت تلك الذكرى الشنيعة لذاكرتها ومازال صوت تلك المرأة الحنون السيدة حسان يخترق مسمعها
انسحبت أنفاس فتون كما وقف سليم مكانه جامد الحركة
توقفت عن تذوق الحلوى تنظر للسيدة سعاد بغرابه وهي تخبرها عن تعجبها الشديد لقرار السيد جسار المفاجئ
تتذكر تجاهله لها هذا الصباح وعدم الرد على تحيتها وإنهاءه لفطوره بعجالة بعد أن جلست على طاوله الإفطار معه
أنا مستغربه ليه قرر يسافر البلد فجأة عمك جميل بيقول مفيش مشاكل مع المزارعين يمكن يكون عايز يريح اعصابه شويه
تمتمت السيدة سعاد بعباراتها ومازال الفضول يأخذها كعادتها
مش كان اخدنا معاه نغير جو ده أنا البلد وحشتني بناسها
تعجبت صمت بسمة وعدم مشاركتها الحديث
تفتكري لو عملناها مفاجأه للسيد جسار وروحنا البلد هيفرح إيه رأيك نشوف عمك جميل والسواق موجود ياخدنا هناك نقضي كام يوم أهل البلد وحشوني وعايزه اطمن على الحبايب
لم تنتظر السيدة سعاد سماع جوابها فتركتها في صمتها واسرعت للخارج تقترح على العم جميل هذا الأمر
كل شئ نفذ وكأنهم كانوا يرتبون للأمر فالسيدة سعاد تشتاق لأهل قريتها
طالعت بسمة الطريق وقد عاد الحلم يطرق حصونها تحاول فهم السبب الذي جعله يعاملها هذا الصباح بجفاء
شعرت ببعض الرجفة تنظر نحو الطريق ثم للسيدة سعاد
داده هو أنا ممكن ارجع واستناكم في البيت انا نسيت إني عندي مذاكرة وعندي حصه كمان بكره في المعهد
ضحك العم جميل كما ضحك السائق والسيدة سعاد وهم يروا عيناها العالقة بالطريق
القرية هتنسيك كل حاجة
وهتنبسطي هناك اوي يا بنت
تمتم بها العم جميل ثم اردف وقد طالع الطريق أمامه
مش عايزه تشوفي البلد اللي اتولد فيها جوزك
توقف عن السير تتملكه حاله من الضياع لا يستوعب حتى هذه اللحظة ما نطق به الطبيب قبل أن يتركه
عمته حامل كيف ومتى ومع من ولما أخفت عليه هذا الأمر وأخفت عن الجميع
تعالت أنفاسه يرفع كفه نحو عنقه يمسده فعقله مازال لا يستوعب
اتجه نحو الجدار يلطمه هل اخطأت عمته بعد هذا العمر مع رجلا
فارت دمائه مع تلك الأحتمالات التي اقټحمت عقله إنه سيجن إذا ظل هكذا منتظر أن يفهم
اقتربت منه فتون وقد عادت بعض الډماء لوجهها الشاحب تلتقط كفه الذي لطم به الجدار
تنظر مصدومه نحو اصابعه التي جرحت من شدة لطمته فهي حتى هذه اللحظه لا تعرف متى أصبحوا بالمشفى منتظرين بالخارج خروج الطبيب ليخبرهم عن حالتها
سليم أرجوك حاول تهدا اهم حاجه دلوقتي تكون هي بخير
جذب ذراعه عنها مبتعدا فهو ليس بحالة تسمح له ليسمع أحد
خرج الطبيب إليهم أخيرا فتعلقت عينين
فتون به واسرعت نحوه في لهفة صادقة
هي كويسة الطفل منزلش
حاول الطبيب أن يخرج حديثه مرتبا وبوضوح حتى لا يعلقوا أمالهم على هذا الطفل فالحمل ضعيف خاصة بعد تلك الرحلة الجوية المضطربه التي أتت عليها ومع سنوات عمرها الخامسة والأربعون لا يستطيع إلا قول إستعدادهم لفقد الجنين فقد فعل ما بوسعه ولكن الأمر أصبح متروك للساعات القادمة
مقدرش اقولكم علقوا أمالكم على إستمرار الحمل عمر خديجة هانم ميسمحش للحمل ويعتبر حدوثه من الحاجات اللي بتحصل بالصدفه اكيد فهمني طبعا يا سليم بيه
يعني إيه ممكن ينزل متخليهوش ينزل
هتفت بها فتون تحملق ب سليم الذي خرج عن صمته أخيرا
المهم هي عندي مش مهم أي حاجه تانيه
اماء له الطبيب متفهما فحملقت بهم فتون في صډمه
أنت عايز الطفل ينزل يا سليم
انسحب الطبيب من أمامهم تاركا تلك المناقشات العائلية
فتون خلي السواق يوصلك
طالعته في دهشة فما الذي لا يعجبه في حديثها هي ترغب من كل قلبها أن يبقى هذا الطفل تلك السيدة التي اضاعت سنوات عمرها في السعي وراء نجاح أعمال العائلة فالوقت الذي كان هو فيه لا يهتم لا بحاله
ابتعدت عنه تتأخد أحد المقاعد مكانا للجلوس عليه رافضة إقتراحه الذي لم يعجبها
تجاهلت قراره متحاشية النظر إليه وسرعان ما عادت تحملق به وهي تراه يسير من أمامها قاصدا المصعد
خرج من بوابة المشفى يشعر بحاجته القوية للتدخين فلم يعد يطيق ألم رأسه
تحرك نحو احد المقاعد الخشبية وجلس شاردا لا يقوى على تصديق ما وصل إليه من قبل عن علاقة عمته بشقيق كاظم النعماني معلومة لم يلقي لها بالا
ضاقت عيناه ينظر نحو العم الجميل القادم نحوه وقد تهللت أسارير الرجل الذي يقف معه سعيدا لرؤية صديقه هنا في البلدة وأسرع نحوه بعدما تمتت بكلمات معتذرة
ده احنا النهاردة وكأن يومنا عيد البيه وأنت مرة واحده هنا
ضم العم جميل رفيقه وقد جمعهم العمل في أراضي السيد عبدالرحيم والد جسار رحمه الله
أول ما عرفت أنا وسعاد إن البيه قرر يجي البلد قولنا نحصله
هتف العم جميل بكلماته ينظر نحو رب عمله الواقف على بعد منه في عشم فما فعلوه لن يغضبه
تحرك جسار نحو العم جميل فاقترب منه هو الأخر
أنت جيت إزاي ياعم جميل ومبلغتنيش ليه إن عايز تيجي كنت أخدتك معايا
اسرع العم جميل في إجابته سعيدا برؤيه نمو بعض المحاصيل وقد أنتجت ثمارها
الست سعاد فجأه لقيتها طالعالي من المطبخ تقولي نعملها ليك مفاجأه الحبايب وحشوها الظاهر فأخدتها حجة ما أنت عارف يا بيه مش بتحب تسيبك لوحدك تقول مين اللي هيأكله ويهتم بي
تمتم بها العم جميلفلاحت شبه ابتسامة على شفتيه ولكن
متابعة القراءة