لمن القرار بقلم سهام صادق
المحتويات
بات هاتفه يتخذ الأمر في تصويرها كلما رصدها واتبعها في الأماكن التي باتت تذهب إليها
ضجرت دينا من محاصرته فهي لا تريد إلا أخذ تلك الفلاشة التي تعلم بوجودها داخل سترته حتى تنفذ مهمتها وتأخذ المال الذي اتفقت عليه مع هذا الرجل
مش وقته يا مسعد
اشمعنا هما جيه دوري أنا كمان
بدأت دينا تفهم إنه لا يخاطبها هي
حسن أخدك وهو كمان خدك منه فاضل أنا يا فتون
إنها لا تعرف غير واحده انتصرت عليها ونالت الرجل الذي لهثت خلفه لسنوات
ابن النجار واخد ليه كل حاجه من الدنيا كفايه عليه الفلوس
علقت عيناها به وهو يغادر الغرفة دون كلمة حاولت إلتقاط أنفاسها التي حبستها مترقبة ردة فعله ولكن كاظم لم يفعل معها إلا النظر إليها بتلك النظرة المرعبة التي شعرت معها وكأنه لا يوجهها لها وحدها
عادت عيناها تتعلق هذه المرة ب باب الغرفة المفتوح تعيد المشهد مرة أخرى على ذاكرتها تنظر نحو كف يدها الذي صڤعته به
أنا مش عارفة عملت ده إزاي وليه أعمل كده
سقطت دموعها رغما عنها فمنذ حملها وهي لم تعد تستوعب ما تفعله تارة تكون راضية عن حالها وعنه وتشتاقه وتارة أخرى تكون ساخطة على حالها وكارهة له لا تتذكر منه إلا الكلمات القاسېة وأكثر ما يحيرها في نفسها إنها تتذكر كل فعل قاسې نالته منه كلما تقدم منها خطوة وأظهر لها حنانه ورعايته
قاومت حالتها الكئيبة خاصة أن مكوثها أغلب الوقت بمفردها في المنزل وهي من أعتادت على العمل بدء يشعرها بالكآبة
المفروض الغلطان ياخد خطوة الإعتذار يا جنات كاظم القديم لو كان موجود كان ردلك بدل الصڤعة صفعتين
توقفت على بعد خطوات منه تنظر إليه وهو جالس فوق الأريكة مغمض العينين ومازالت وتيرة أنفاسه مرتفعة يقبض فوق كفيه بقوة
أرادت التراجع بعدما عادت هيئته تبث فيها الړعب ولكن في النهاية اتخذت قرارها واقتربت منه
لأول مرة كانت تنتبه على صوت عقارب الساعة المزعجة وتلك الألوان المتداخلة في البساط الفخم المفترش أسفل قدميهم ولم يتوقف التحديق عند هذا الحد بل أخذت تحدق بملامحه القوية وقد زاده الڠضب هيمنة ووسامة
جنات ممكن تروحي تكملي نومك أو تبعدي خالص من هنا
ابتعدت عنه وقد شعرت بالضيق من حالها فها هو ينهرها ويجتذب ذراعه عنها متحاشيا النظر
لها
أنا أسفه يا كاظم
هتفتها بهمس خاڤت وسرعان ما كانت ټنفجر بالبكاء ضاقت عيناه وهو يراها بالفعل تبكي بقوة دون سبب فماذا كانت ستفعل إذا صفعها مثل صڤعتها الحمقاء
عادت النيران تشتعل داخله فكيف تمكن في التحكم من غضبه وعدم صفعها أين هو قسمه أن لا يجعل أمرأة تتجاوز حدها معه مهما كانت
أنا عايزه أرجع مصر كل حاجة هنا بدأت تخنقني أنت جايبني هنا عشان تخليني أتجنن من القاعده لوحدي
حدقها في تعجب فعن أي جنان هي تتحدث
ممكن أعرف بټعيطي ليه دلوقتي أظن أنا اللي كفك طرقع على خدي مش العكس
أسرعت في مسح دموعها تنظر إليه بعدما ألقى عليها عبارته
ما أنا قولتلك أسفه
بتقوليها وأنت شيفاها
كلمه كبيرة يا جنات وده يجبرني أشوفها إهانه تانية
هتف بها وهو ينهض من مكان جلوسه حتى يترك لها المكان وينهي هذه الليلة
طالعته وهو ينهض ويتحاشا النظر إليها فاسرعت في الوقوف أمامه
قولي أعتذرلك إزاي أنا بعترف إني غلطانه مش عارفه إزاي عملتها
عملتيها لأنك ببساطه شوفتي مني تنازلات كتيره يا جنات
الجمها ما تفوه به هل هو يفسر فعلتها هكذا ولكنه كاظم النعماني فماذا ستنتظر هي منه
أنا عارفه ومتأكده مهما وضحت ليك مش هتصدقني لأنك عايز ديما تشوفني في صوره
وحشه يا كاظم
استدارت بجسدها مبتعده عنها وقد ضاعت جميع الأحلام التي بدأت ترسمها متأمله معه حياة جديدة
شعرت بالألم من اجتذابه لذراعها يقربها منه
عارفه لو كنتي عملتي شئ بسيط رضيتي بي غروري كانت المشكله اتحلت رغم إنها كبيره أنا عارف إنك متقصديش ده لكن أنا راجل بطبعي ديما شايفكم بالصوره اللي فضلت طول عمري حطتها عنكم
ثم ترك
ذراعها سامحا لها بالإبتعاد
روحي نامي يا جنات
حديثه أخترق أذنيها تشعر بمرارة كلماته تتسأل داخلها كيف عاش هذا الرجل أطوار حياته هي سعت وراء الصورة الخارجية من كاظم رجل قوي يهابه الجميع ذو سلطه ونفوذ ولكن كاظم الذي صارت تراه هنا رجلا مختلف
حركتها مشاعرها الحقيقية نحوه بعدما أدركت إنها لا تريد كاظم بأمواله بل تريد حنان وحب هذا الرجل
شبت فوق أطراف أصابعها تلثم الخد الذي صڤعته
شكرا على البرقوق وشكرا لأنك تمالكت غضبك وفهمت إني مكنتش قصد
ومع كل كلمة شكر كانت تلثم خده مال بوجهه نحوها حتى تتلاقى عيناهم
انفاسهم صارت قريبة وقد ارتفعت يدها نحو خده تتحسسه
تفتكري مين هيعلم فينا التاني الحب يا جنات
كادت أن تتحرك شفتيها لتخبره إنها بالطبع من ستعلمه ولأنه كان يعلم الجواب كان يترك لشفتيه مهمة ابتلاع حديثها هامسا لها بأنفاس هادرة
خلينا نبدء أول درس يا جنات
ارتسمت الحيرة في عينيها فعن أي درس يقصد ولكن كان وحده من يعلم عنوان الدرس
اغمض عيناه محاولا إبتلاع تلك الغصة المؤلمة كلما نظر نحو غرفة صغيرته التي باتت خالية شعورا لم يرغب بالعيش به يوما ولكن هذا كان نصيبه وقراره
بخطوات رتيبة سار نحو غرفته يزيل عن جسده سترته بفتور يطرد تلك المشاعر التي تجتاحه فلا ذنب لها في إختيار أبنته للعيش مع والدتها وتركه لأنه ببساطه اختار هو أيضا مع من يريد العيش
علقت عيناه بها ودون شعورا منه كان يبتسم على رؤيتها لها نائمة بتلك الوضعية وعلى ما يبدو إنها قاومت بشدة قبل أن تسقط غافية محتضنة الوسادة بين ذراعيها
اقترب منها بخطوات هادئة حتى لا يجعلها تستيقظ يشعر بالندم على تأخيره يمد ذراعيه ليعدل من وضيعة نومها
حببتي حاولي تتعدلي معايا رقبتك هتوجعك
همس لها حتى تستجيب في تحريك جسدها معه ولكن عيناه ضاقت وهو يحدق بهذا الثوب الذي تذكره تماما وكيف ينساه وقد اختاره لها بنفسه وتمنى أن ترتديه له ذات ليله
تعالت فوق شفتيه ابتسامة عذبة وهو يتأملها بتدقيق ثم تحركت يديه بخفه فوق ذراعيها ليتحكم في وضع رأسها برفق فوق الوسادة
يعني يوم ما ترضي عني وتلبسي الفستان تنامي برضوه يا فتون
بصعوبة فتحت عيناها بعدما شعرت بتلك الخفيفة التي تداعبها
سليم
همست اسمه بخفوت وعادت تغمض عيناها مقتربه منه ټدفن رأسها في حضنه
اتأخرت زي كل ليله بتوعدني فيها ترجع بدري أنت بقيت زي كل الرجاله يا سليم
عاتبته وهي مغمضة العينين متشبثة به حدقها بذهول يحاول إستيعاب عتابها ثم غفيانها بهذه السرعه
فتون أنت نمتي أنا أول مره أشوف ست تعاتب جوزها وتنام
وها هو يعود ليندس جوارها أسفل الغطاء الخفيف يعدل من وضع وسادته قبل أن يجتذبها إليه ويعيدها لحضنه ويغفو براحة
ارتفع كلا حاجبيه في دهشة وهو يراها تتخذ صدره وسادتها وتريح رأسها متشبثة به
ارتسمت فوق شفتيه ابتسامة عابثة يرمق فعلتها متفحصا ملامح وجهها
وتفتكري هصدق إنك فعلا نايمه شكلك اتعلمتي المكر من الأربعين يوم هجر وعدم الإهتمام اللي حسباهم بالدقايق والثواني يا فتون
هانم
أنا فعلا نايمة يا سليم
ارتفعت زاوية شفتيه سخرية ينظر إليها مستخفا من تلاعبها
وبتكلميني من الحلم يا حببتي مش كده بقينا نعرف نمثل ونلعب يا فتون وأنا اللي قولت حرام أصحيها واسيبها نايمة
أنا فضلت مستنياك أنت اللي خلفت وعدك معايا يا سليم
ازدادت نظراته جرأة ينظر إلى ما أظهره ثوبها بسخاء
ممكن نتفاهم الصبح يا فتون وأوعدك هسمع كل الشكاوي المرفوعة من فتون عبدالحميد ضد سليم النجار
تمنعت عنه بدلال رافضة ما يسعى إليه بمراوغة تحرك رأسها رافضة
لم يمهلها الحديث والمزيد من التمنع الذي فتنه وزاد من لهيب توقه
أغرقها في طوفان مشاعره وهي كانت كما أخبرها تتمنع ولكنها أكثر منه توقا ولهفة
اقترب من فراشها ككل ليلة حتى يتأكد من غفيانها براحة دون تلك الكوابيس التي عادت ټقتحم أحلامها
طالت نظراته نحوها ونحو صغيره في دهشة فما الذي حدث في تلك الساعات الماضية وجعلها تخرج من قوقعتها وتعود كما عهدها أمرأة تعطي دون مقابل ټصفعها الحياة بقسۏتها فتعود تفتح لها ذراعيها تأمل بحياة جديدة
تخلص من حذائه وسترته واقترب من الجهة الخالية يشعر بالتوق لنوم ساعات من الراحة دون أي ذكرى من تفاصيل هذا اليوم وما عرفه من سائق الأجرة بعدما فاق من غيبوبته بعد أسبوعا من الحاډث
تمنى أن لا تشعر بثقله جوارهم فوق الفراش ولكن أمله خاب ليشعر بالذنب وهو يراها تفتح عيناها بصعوبة مبتسمه له
حلمت حلم جميل أوي يا رسلان حلمت أن في نور بيحاوطني وكنت حامل في طفل
وسقطت دموعها وهي تتذكر شقيقتها وهي تحمل عزالدين طفلها وتقبله دامعة العينين
شوفت مها يا رسلان قالتلي خلي معايا عزالدين يا ملك أنا عايزاه عبدالله أمانة عندك لحد ما نتقابل
اعتدلت في رقدتها تكتم صوت شهقاتها فاسرع نحوها يحيطها بذراعيه
كفايه يا ملك كفايه أرجوك
عزالدين كان فرحان يا رسلان كان زي الملاك بيطير واختارها هي مع إني فضلت أنادي عليه وأقوله أني بحبه ووحشني أوي
اغرقت الدموع خديها فأحاط وجهها بكفيه يمسح عنها دموعها ولكن دموعه خانته
اختنق صوته من شدة الۏجع وقسۏة ما يشعر به
ليه أخدته معاها ليه وجعتني تاني مع إن عمري ما كرهتها ده أنا بدعيلها يا رسلان مهما عملت فهي ربتني مع بنتها صحيح محبتنيش لكني فضلت شيفاها أمي
ضمھا إليه لعله يخفف عنه وعنها هذا الألم
ماټت خلاص يا ملك صحيح خدت حته مننا وهفضل طول عمري حاسس بالذنب لأني محمتش ولادي منها وصدقت إنها عايزه تعيش اللي فاضل من عمرها وسط أحفادها لكن الحقد كان عمى قلبها من زمان
ابعدها عنه بعدما تمالك دموعه ينظر إليه متأملا عيناها الدامعة ووجهها المبلل
قوة إيمانك بتخليكي تعرفي تسامحي يا ملك لكن أنا للأسف مبعرفش أسامح
اعادها لحضنه دون إنتظار سماع أي حديث أخر سكنت داخل احضانه كما سكن هو ناعما بدفئ ورائحة جسدها
استيقظت
متابعة القراءة